الاكتئاب والقلق: أعراضهما وطرق العلاج الحديثة

اضطراب القلق الاكتئابي هو حالة تنتمي إلى فئة العصاب. ويتميز بظهور علامات القلق والاكتئاب في نفس الوقت. بشكل فردي، لا يتم التعبير عن الأعراض بشكل واضح، مما يجعل من الصعب تحديد نوع الاضطراب المحدد. تنتشر هذه المشكلة على نطاق واسع بين المرضى البالغين في جميع أنحاء العالم. وبدون العلاج المناسب، يتطور المرض بسرعة ويؤدي إلى عواقب خطيرة، بما في ذلك الانتحار.

تكمن الآلية الرئيسية لاضطراب القلق الاكتئابي في العوامل الوراثية والظروف النفسية الاجتماعية. وبحسب الإحصائيات فإن المرض يتطور في نحو 40% من الحالات لدى الأشخاص الذين واجه أقاربهم المباشرون مشكلة مماثلة. إذا كان والدا الطفل يعانيان من اضطرابات نفسية وعاطفية مماثلة، فهناك احتمال كبير أن يواجه الطفل مشاكل مماثلة.

أما الـ 60% المتبقية من حالات اضطرابات القلق والاكتئاب فهي ناجمة عن البيئة، والصدمات النفسية التي يتعرض لها الشخص في مرحلة الطفولة، وما إلى ذلك. يمكن أن تسبب بعض ظروف المعيشة ضغوطًا مزمنة لدى الشخص، بالإضافة إلى تجارب الصدمة. المثال الأكثر شيوعًا الذي يسبب اضطراب القلق هو العنف بأي شكل من الأشكال: عقلي أو جنسي أو جسدي. وهذا ينطبق بشكل خاص على العنف الذي نتعرض له في سن مبكر.

أعراض الإكتئاب والقلق

تستمر أعراض الاكتئاب لعدة أسابيع أو أشهر، وربما تمنعك من العمل وممارسة الأنشطة اليومية، ومن أهمها:

التعب وفقدان الطاقة باستمرار

يعد التعب المستمر من أكثر أعراض الاكتئاب الجسدية شيوعًا، كما عادة ما يشعر المصاب بفقدان الطاقة بالرغم من النوم لساعات طويلة.

وعلى الرغم من أن الجميع يشعر بالتعب وفقدان الطاقة وعدم القدرة على مواجهة العالم صباحًا في كثير من الأحيان، إلا أن هذه الأعراض متواصلة لدى مرضى الاكتئاب.

ألم في عضلات الجسم والظهر

وجدت دراسة علمية نشرت في عام 2017 استهدفت حوالي 1,013 من طلاب الجامعات الكنديين أن هناك علاقة وثيقة بين الإصابة بالاكتئاب وألم الظهر، حيث يعتقد أن المشاعر السلبية التي يشعر بها الإنسان من شأنها أن تسبب توتر وتشنج عضلات الجسم، ليكون الأمر واضحًا بالتحديد في منطقة الظهر.

مشكلات هضمية

للأسف فإن الشعور بأي مشاعر سلبية من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على عمل حركة الأمعاء، ليكون الأمر متفاقم لمرضى الاكتئاب.

الشعور المستمر بالحزن واليأس

يعد الشعور بالحزن والإحباط المستمر طوال اليوم أشهر أعراض الاكتئاب، إذ يشعر الشخص كما لو أنه سقط في حفرة عميقة مظلمة فيسيطر عليه اليأس والاستسلام، ويصبح سهل البكاء، عاجزاً عن إيجاد حلول، فاقد الأمل في تحسن الأمور بل في الحياة بأكملها.

انعدام القيمة

يشعر الفرد بكراهية ذاته وينتقد نفسه وتصرفاته باستمرار، ويركز على عيوب شخصيته، ودائماً ما يستحضر إخفاقه في التجارب الماضية، ويلوم نفسه عندما لا تسير حياته كما يرغب.

فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية والهوايات

يشعر المصاب بانعدام الرغبة في القيام بالمهام اليومية، أو التنزه مع الأصدقاء، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وكذلك عدم الاهتمام بممارسة هواياته المفضلة.

التهيج وسرعة الغضب والانفعال

قد يدفع الاكتئاب الشخص إلى سرعة الانفعال والغضب حتى على أبسط الأمور التي لا تستدعي ذلك، ويعد هذا الأمر من أعراض الاكتئاب النفسي الشائعة لدى الرجال، وعادة ما تظهر في النساء في صورة نوبة غضب ثم البكاء.

التفكير في الانتحار

يعد من أعراض الاكتئاب الحاد وأكثرها خطورة تكرار التفكير في الموت والانتحار وأن الحياة لا تستحق العيش، حتى لو لم يعقب ذلك وضع خطة أو تفكير في إيذاء النفس بجدية؛ لذا ينبغي على الفرد إذا راودته أفكار عن الرغبة في الموت مراجعة مختص نفسي في أقرب وقت.

القلق المستمر

يمكن أن يشعر مريض الاكتئاب بالقلق الدائم، والتوتر، وربما يصاب بنوبات هلع دون سبب محدد، وتشمل أعراض الاكتئاب والقلق تسارع ضربات القلب، وسرعة معدل التنفس، والارتعاش.

صعوبة التركيز واتخاذ القرارات

يعاني المصابون بالاكتئاب من صعوبة الحفاظ على التركيز أو التذكر، كما يواجهون مشاكل في تنظيم أفكارهم واتخاذ القرارات اللازمة؛ فيجدون أنفسهم محاطين بفوضى عارمة وتراكم الالتزامات.

طرق العلاج الحديثة للإكتئاب والقلق

عند الحديث عن أفضل علاج للاكتئاب، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هُو العلاجات غير الدوائية التي قد تُساعدنا في التغلب على أعراض الاكتئاب، وتشمل أبرز العلاجات غير الدوائيّة:

العلاج بالكلام (العلاج النفسي التقليدي)

العلاج بالكلام يُعد أفضل علاج للاكتئاب والقلق، حيث يُوفّر مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر والتجارب مع معالج متخصص. يُساعد هذا النوع من العلاج في فهم الجذور العاطفية للمشكلة، وبناء مهارات للتأقلم، وتطوير علاقات صحية وداعمة.

العلاج السلوكي المعرفي

العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هُو أحد المسارات العلاجية المُتبعة في حالات القلق والاكتئاب، وخاصةً حالات الاكتئاب المُتوسطة وكذلك الشديدة، حيث يساعدك العلاج السلوكي المعرفي في فهم أفكارك وسلوكك ومعرفة مدى تأثيرهم على واقعك، ومُساعدتك على تغيير طريقة تفكيرك ومشاعرك، ومد يد العون للتغلب على الأفكار السلبية.

التأمل واليوجا

تُعدّ تقنيات التأمل واليوجا من العلاجات التكاملية التي تُعزز الهدوء الداخلي وتُخفف من التوتر والقلق. تُساعد هذه الممارسات على تهدئة الجهاز العصبي، وزيادة الوعي الذاتي، وتحسين جودة النوم، مما ينعكس إيجابًا على الحالة النفسية والمزاجية.

العلاج بالتعرض التدريجي

يُستخدم العلاج بالتعرض التدريجي بشكل فعّال في علاج القلق، حيث يُساعدك على مواجهة المواقف أو الأفكار التي تُثير الخوف أو التوتر بشكل تدريجي وتحت إشراف متخصص، مما يُقلل من حدة الاستجابة القلقية بمرور الوقت.

العلاج بالفنون والأنشطة الإبداعية

يمكن أن تُساهم الفنون مثل الرسم والموسيقى والكتابة التعبيرية في تحسين الحالة المزاجية، وتقليل الشعور بالضيق، وتعزيز القدرة على التعبير عن المشاعر بطريقة آمنة وغير مباشرة، وهو ما يُعتبر مكمّلًا فعّالًا للطرق العلاجية الأخرى.

لا يوجد حاليًا علاج نهائي للاكتئاب، ومع ذلك تتوفر العديد من طرق العلاج المختلفة للتحكم في الأعراض، إذ تختلف أعراض الاكتئاب بين الأفراد، كما يمكن أن تتضمن طرق العلاج التدخلات الطبية والدعم النفسي وتغيير نمط الحياة للشخص؛ وذلك لتمكين الشخص عيش حياة طبيعية وكاملة مع هذه الحالة.