فضل الدعاء في الإسلام

إن الدعاء من العبادات الجليلة، التي أمر الله بها(سبحانه وتعالى) عباده المؤمنين، ووعدهم عليه جزيل الثواب، وتوعد من أعرض عنه بالإثم العظيم، وهو سمة للعبودية، ويستدعي به العبد من الله العناية، ويستمد منه المعونة، ويستجلب الرحمة، ويستدفع النقمة، ويُظْهِرُ به الافتقار والذلة البشرية، متبرئاً من الحول والقوة. وإذا تأملت كتاب الله(سبحانه وتعالى) وجدت فاتحته تضمنت الدعاء، وخاتمته تضمنت الدعاء، ففاتحة الكتاب بدئت بدعاء الثناء: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وتلاه دعاء المسألة: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}. وختم الكتاب بسورتي المعوذتين: دعاء مسألة متضمناً دعاء ثناء. ومما يدل على فضل هذه العبادة الجليلة ما يلي:

  1. أمر الله(سبحانه وتعالى) بدعائه ووعده بالإجابة، وتوعده من أعرض عن هذه العبادة بالعذاب الأليم، كما في قوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
  2. وصف النبي(صلى الله عليه وسلم) له بأنه هو العبادة، كما في قوله(صلى الله عليه وسلم): “الدعاء هو العبادة))
  3. أن الدعاء أكرم شيء على الله، كما في حديث أبي هريرة(رضي الله عنه) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): “ليس شيء أكرم على الله من الدعاء))
  4. أنه صلة بين المسلم والمسلم حتى بعد الممات، كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} ولقد ذكر المصطفى(صلى الله عليه وسلم) الأمور التي لا تنقطع عن الميت بعد موته، ومنها الدعاء، فقال: ” أو ولد صالح يدعو له))
  5. الدعاء من العبادات المتاحة للإنسان المسلم في جميع أوقاته ومختلف أحواله، فهو يدعو بالليل والنهار، والسر والجهار، وفي الحضر والأسفار، وفي الصحة والمرض، وفي الشدة والرخاء، ونحو ذلك من مختلف الأحوال.
  6. الدعاء هو مفزع الإنسان عند الشدائد، كما أخبر الله(سبحانه وتعالى) عن المشركين أنهم يلجؤون إليه في وقت الشدة، حين قال: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}
  7. ملازمة الدعاء أخذ بالأسباب لرفع البلاء ودفع الشقاء، كما في قوله(سبحانه وتعالى) عن إبراهيم(عليه السلام): {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً}. وقال عن زكريا(عليه السلام): قَالَ: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً}. وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً}
  8. أثنى الله(سبحانه وتعالى) على بعض عباده لحالهم في الدعاء،حين قال: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}
  9. قلما تخلو عبادة من العبادات من الدعاء.
  10. ينال به المؤمن منزلة عمل لم يعمله، كما في قوله(صلى الله عليه وسلم): “من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه))