حكم طاعة الْوَالِدَيْنِ في الأمور الشخصية

في الإسلام، طاعة الوالدين تعتبر واجبًا شرعيًا ومن القيم الأساسية التي يجب على المسلمين الالتزام بها. ومع ذلك، يجب فهم أن هذا الواجب ليس مطلقًا، بل يتوقف على الحالات والظروف.

فيما يتعلق بالأمور الشخصية، ينبغي للفرد الالتزام بطاعة الوالدين فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. على سبيل المثال:

  1. الزواج: ينبغي للفرد أن يستشير والديه ويأخذ رأيهما بالاعتبار عند اتخاذ قرار الزواج، ولكن إذا كان اختياره متوافقًا مع الشريعة ولا يتعارض مع القيم والأحكام الإسلامية، فإن طاعة الوالدين في هذه الحالة ليست مطلوبة.
  2. التعليم والمهنة: يمكن للفرد اتخاذ قراراته المتعلقة بالتعليم والمهنة بناءً على مصلحته الشخصية وميوله وقدراته، ولكن يجب عليه مراعاة نصائح والديه واستشارتهم في هذه القرارات.
  3. المظاهر الشخصية: يجب على الفرد أن يحترم آراء والديه فيما يتعلق بالمظهر الشخصي، مثل اللباس والسلوك، ولكنه يحق له اتخاذ القرارات الخاصة به في هذا الصدد بشرط عدم التعارض مع قيم الدين الإسلامي.

وأهم هذه الحدود أن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف فإذا أمر الوالدان ولدهما بمعصية فلا طاعة لهما قال الله تعالى:{ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} سورة لقمان:15. ويدل على ذلك أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :( إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري ومسلم وجاء في حديث آخر عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لا طاعة لأحد في معصية الخالق ) رواه أحمد والبزار وقال الحافظ ابن حجر: وسنده قوي. فتح الباري، وقال الشيخ الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم . وجاء في رواية أخرى :( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وهي رواية صحيحة . راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني . وقال الحسن البصري :[ إن منعته أمه عن صلاة العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها ] رواه البخاري تعليقاً.

ومن الجدير بالذكر أنه في بعض الحالات، قد تختلف رؤية الوالدين عن رؤية الفرد، وفي مثل هذه الحالات يمكن للفرد استشارة علماء الدين أو مشايخه للحصول على النصيحة واتخاذ القرار الصائب.

بشكل عام، يجب على الفرد أن يتعامل مع والديه بالاحترام والود، وأن يحاول تحقيق توازن بين طاعتهم وبين اتخاذ القرارات الشخصية التي قد تكون في مصلحته.