الخطبة و عقد الزواج في الإسلام

الخطبة في الإسلام

بعد أن يطمئن كل من الرجل و المرأة إلى المواصفات و الشروط بما يناسبه و يعتقد أن حياته مع شريكه ستكون هانئة سعيدة مستقبلا إن شاء الله. على الزوج أن يتقدم بكل رغبة أكيدة و قناعة عميقة و صادقة إلى ولي أمر الفتاة لخطبتها و طلبها للزواج، فإن بدت له من وليها الموافقة، فله عند ذلك رؤيتها، سواء أكان ذلك بعلمها و حضور محرمها معها دون دخول خلوة بها، فهي مازالت أجنبية عليه، أو كان ذلك بدون علمها ، كأن ينظر إليها عن بعد و بكل أدب و إحترام لها و لأسرتها.

ففي نظر الزوج لزوجته أثناء الخطبة فوائد كثيرة أشار إليها الرسول صلى الله عليه و سلم عندما قال للمغيرة : أنظر إليها فإنه أحرى أن يأدم بينكما ففي نظر الزوج و الزوجة قبل الزواج وقاية مسبقة من انهياره، عندما تتبين الحقائق بعد الزواج، فتنشأ المشاكل و الخلافات قال أبو هريرة : كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم: أنظرت إليها؟ قال : لا. قال : فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.

و إن كان من حق الزوج النظر إلى زوجته عند خطبتها و قبل عقد الزواج، فللزوجة حق الموافقة و الرضى بالزوج أو عدم الموافقة دون قصر أو قهر أو إجبار لها. و في هذا حفاظ على إقامة الأسرة على أساس متين منذ البداية، لتتحقق السعادة و الهناء و البعد عن الشقاء و التعاسة. قال الرسول ص : لا تنكح الأيم حتى تستأمر، و لا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا : يا رسول الله، و كيف إذنها؟ قال : أن تسكت. فالثيب بحكم تجربتها في الزواج تكون واضحة و صريحة في إبداء رأيها في الموافقة أو عدمها.

أما البكر فيمنعها حياؤها من ذلك فصمتها و سكوتها إذن منها. و على ذلك إذا تم عقد الزواج من قبل ولي المرأة دون رضاها فلها أن ترده. عن خنساء بنت خدام الأنصارية: أن أباها زوجها و هي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله ص فرد نكاحه. و بما أن المرأة عموما تجهل كثيرا بأحوال الرجل، و قد يغلب عليها هوى نفسها، فيكون في رضاها هلاك و تعاسة لها، أو يكون في رفضها للزوج الكفء تفويت لمصالحها، لذلك لا بد من رضى ولي أمرها.

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. و ليس للولي منع وليته من الزواج بالكفء، و منعها من ذلك لمنافعه الخاصة و لهوى نفسه، ففي منعهن من الزواج ظلم لهن، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ.

عقد الزواج في الإسلام

و بعد تراضي جميع الأطراف: الزوج، الزوجة، و وليها، يقدم الزوج لزوجته الصداق، و الذي هو حق لها، و ليس لأحد أخذه بدون رضاها و طيب نفسها، أو التهاون في دفعه لها أو تأجيله دون رضاها. قال تعالى : و آتوا النساء صدقاتهن نحلة. و في دفع المهر للمرأة تكريم لها و إعانة لها على توفير حاجاتها من لبس و زينة كي تستعد للزواج، فهي ليست سلعة للبيع و الشراء، و لذلك يكون المهر في حدود استطاعة الزوج، فالبركة ليست في كثرة الصداق، فأبرك النساء أيسرهن مهرا.

و تجهز الزوجة للزوج بما يفي بالحاجة دون إسراف و لا خيلاء اقتداء بسنة النبي ص. بعد ذلك يتم إبرام عقد الزواج بين الزوجين بحضور ولي الزوجة و شاهدين. و بعد الإيجاب و القبول، يوثَّق العقد و يسجل في المحكمة الشرعية كما هو معمول به الآن في عصرنا الحاضر حفاظا على حقوق الزوجين و إثباتا لارتباطهما الزوجي. و يسن الإحتفال بعقد الزواج و إعلانه و الضرب عليه بالدفوف، فيجتمع الأهل و الأحباب و الجيران و الأصدقاء المقربون للفرح و البهجة و الدعاء للزوجين، قال ص : أعلنوا هذا النكاح و اجعلوه في المساجد ، و اضربوا عليه بالدفوف. و يسن كذلك أن يولم الزوج في عرسه لمن اجتمع من الأهل و الجيران و الأصحاب