ما هي العلاقة بين الحب و الجنس؟

يجمع العلماء إجماعا قاطعا على أن الإمتناع عن الممارسة لمدة طويلة لايمثل خطرا على الصحة ولا يسيء إلى العافية النفسية أو الجسدية …إلا أنه ينبغي التمييز بين الإمتناع المكره و الإمتناع عن تصميم ومنهج يضعه الإنسان لحياته، فالإمتناع الأول يفضي إلى الكبت المؤذي الذي يعرض صاحبه لعلل وإنحرافات نفسية خطيرة …بينما الإمتناع عن قناعة وعفة ليس فيه أدنى خطر يخشى منه. فالكبث لاينشأ عن الإمتناع عن إتيان العمل الغريزي…إنما ينشأ الكبث عن إستقذار الدافع الغريزي وعدم إعتراف الإنسان بينه وبين نفسه أن هذه الخواطر يجوز أن تخطر في باله أو أن تشغل تفكيره.

فالكبت بهذا المعنى مسألة شعورية قد لا يعالجها حتى الإتيان بالعمل الغريزي نفسه..فالذي يأتي بفعل غريزي وهو يشعر في عقله الباطن اللاشعور بأنه يرتكب قذارة لا تليق به هو الشخص المكبوت .. حتى وإن إرتكب هذا الفعل مئة مرة يوميا، لأنه في كل مرة يحيي الصراع في نفسه بين ما يجب وما لايجب..وهذا الصراع بين الشعور واللاشعور هو الذي ينشئ العقد والإضطرابات النفسية.

ولهذا لاينشأ الكبت إطلاقا في ظل الإسلام..فالإسلام لاينكر على الشاب تدفق الرغبة في الممارسة جوانح نفسه.. ولايستقذر تلك الرغبة .. ولايستقذرتلك الرغبة ولاينفر منها..وإنما يطلب الإسلام من ذلك الشاب أن يضبط لا أن يكبت هذه الرغبة..يضبطها في وعيه وبإرادته..لا أن يطردها من لاشعوره فليس هناك مجال ولا إمكانية لنزع جزء أصيل من مكونات الكيان البشري..فقط يطلب الإسلام من الشباب أن يعلق تنفيذ هذه الرغبة إلى الوقت المناسب..والتعلق ليس كبتا..فالإسلام لايهدف إلى حرمان الناس من إشباع حاجاتهم الضرورية..ولكنه لايجعل من تلك الإحتياجات سلطانا عليهم..ولايجعل منها شغلهم الشاغل..فالضرر الذي يحدث للفرد نتيجة لإستغراقه في الشهوات يتخطى كثيرا حد السعادة اللحظية التي يجنيها حين يجعل من نفسه عبدا لشهوته.. حتى إن الإشباع الفوري والمستمر للشهوات الحسية ينقلب بعد فترة ليصبح عذابا دائما وجحيما لايهدأ، وجوع دائم لايشبع، وثورة لاتستقر.

إن إشباع الرغبة البيولوجية الطبيعية في الممارسة لا يمنح الإنسان الشعور بإستمرارية وديمومة الحب.. فمتى تم إشباع الغريزة كفت هذه الغريزة عن الإلحاح..وتوقف الشعور الوهمي بالحب..

ولهذا فإن العملية الحميمية الصرفة بين شخصين لاتربطهما علاقة حب، لابد وأن يتبعها إحساس باللامبالاة والملل وربما الشعور بالتخمة الذي ينشأ عن الشبع، لهذا فالحب الطاهر الشريف يبقى مابقي الحب، والحب ذوالغرض ينقضي بإنقضائه.

وقد يظن البعض أنهم بالزواج ينتصرون على حاجتهم الملحة للممارسة الحميمية وأن الزواج قد يعلمهم الإستقرار، ولكن الحقيقة أن الزواج قد يعالج مشكلة هذا الشخص البيولوجية وقد يعمل على حلحلة عقده، لكنه من المستحيل أن يحل مشكلاته النفسية و العاطفية وسوء الفهم الحاصل بينه وبين معنى الحب..ولهذا يعود للبحث من جديد عن المتع الحسية تحت ستار الحاجة للحب.

ويظل يمارس هذا النوع من التسكع العاطفي وينتقل من حب إلى أخر، كما يتنقل الشخص المثير للمشاكل من عمل إلى عمل، لأن المشكلة ليست في الحب أو في مقر العمل، بل لأنه ينتقل حاملا معه نفس طريقة التفكير، ولأنه يستخدم نفس المعطيات كل مرة..فإنه يحصل على نفس النتائج كل مرة..وما من سبيل للخروج من هذه المتاهة إلا بالإعتراف بوجود خلل وإلتباس بين مفهومي الحب و الرغبة في الممارسة الطبيعية، ثم العمل على تغير هذه الصورة عن الحب.