لماذا يحتاج الإنسان للحب ؟
يحتاج الكائن البشري إلى مجموعة من الحاجات العضوية كالحاجة إلى الطعام و الشراب و النوم و الراحة و الحاجة النفسية، يحتاج أيضا إلى جملة من الحاجات النفسية، منها: الحاجة إلى الحب و الرعاية و الحنان. و كلا النوعين من الحاجات لابد من إشباعها حتى يشعر الفرد منا بالتوازن و حتى تكتمل عملية نموه بنجاح، و كما يؤدي نقص الغذاء إلى أمراض عضوية، يؤدي نقص الحب إلى أمراض نفسية بل و عضوية في كثير من الحالات…وبدون الحب يموت الأطفال و يصبح الكبار مشوهين و معاقين عاطفيا.
لذلك فحاجة الإنسان للحب ليست ترفا و لا بذخا فكريا…فالأنسان الذي لا يشعر بحاجة إلى أن يحب، و غذاء الجسم الطعام و الشراب فإن غذاء القلب الحب…يقول الفيلسوف ديكارت: أنا أفكر، إذا أنا موجود، ويمكن أن نقول: أنا أحب، إذا أنا موجود، فالحب دلالة على وجود الإنسان.
والفرق بين الحاجات العضوية و الحاجات النفسية أن عدم إشباع الحاجات العضوية يؤدي إلى الموت، ولكن الحاجات النفسية ليست كالحاجات العضوية، فعدم إشباع الحاجات النفسية قد لايؤدي إلى الموت و لكنه يترك أثرا خطيرا على الشخصية، يبدو هذا الأثر في سلوك الفرد و مقدار سعادته، كما يبدو أثناء تعامله مع الأخرين. فأعراض نقص الحب تظهر في سلوكنا و إنفعالاتنا مهما حاولنا الإختباء خلف جلودنا.
إن أعمق حاجات الإنسان هي حاجته للتغلب على إنفصاله الذي يشعره بالإغتراب و العزلة…و يجعله في حاجة ترقب لهجوم من عالم لايراه و لا يتصل به…وليس هناك من طريق للإتصال بالكون و الأخرين غير الحب… فالحب هو الجسر الوحيد أمام الأنسان ليخرج من سجن الذات إلى إتساع الكون ورحابة الأخرين…وبغير الحب تتحول الحياة إلى حبس إنفرادي وعزلة موجعة. و الحب حاجة نفسية تحتاج إلى إشباع بإستمرار، فالأنسان بطبيعته مخلوق إجتماعي…و هو يكتشف كع كل علاقة حميمة عميقة أنه يزداد إقترابا من نفسه…و أن الأخرين يساعدونه على كسب قوة شخصيته..
و هكذا يجاهد الإنسان عن وعي ليصل إلى الأخرين ويقربهم إليه…ووعي الإنسان بحاجته إلى حب الأخرين و قدرته على الإمساك بتلك المعاني الإنسانية الجميلة و الإتصال بالأشياء و الناس…هو الذي يولد لديه القدرة على الحب..و لهذه الأسباب يسعى الإنسان للزواج و تكوين الأسرة.